د.اسمهان ماجد الطاهر
مواقع التواصل الاجتماعي تجعلنا في معظم الاحيان أمام مسرحية كوميدية الشاهد لم ير شيئا لكنه أكمل الأحداث والدور بل وأسهب في النقاش والمحاورة. هجمات شرسة عشوائية شبه يومية تحمل تفاهات وفبركات مفتعلة تخلق بلبلة لا معنى لها.
الأعاجيب التي تُمطرنا بها وسائل التواصل الاجتماعي تحمل خطر تنشئة جيل كامل يحمل الظنون والقلق والخوف والإحساس بالسخط فلقد بات تبادل الأخبار السلبية شيئا طبيعيا وجزءا لا يتجزأ من حياة البعض.
لقد أصبح العديد من الأشخاص قادرين على القيام بمشاركة إي خبر دون التأكد من التفاصيل أو الوقوف على حقيقة ما جرى. في مواقع التواصل الاجتماعي زادت مقاييس العشوائية والاعتباطية لتجعل المجتمعات تقع في فخ الريبة وعدم التأكد وتجعل صوت المنحرفين عن المنطق السليم يبرز ويمتد افقياً وعمودياً.
وعادة ما يتم التعقيب والنشر وكأننا أمام وكالات أنباء محلية او عالمية ثم يلحق الخبر غير الدقيق أو المفبرك بكم كبير من التعليقات والأحكام الجزافية التي تم بناؤها أصلاً على قصص كاذبة مفتعلة ومنطق خاطئ.
فيديوهات يتم تناقلها لا يعرف من يقوم بنشرها عواقب ما يفعلون ولا يدركون حتى الحدود الفاصلة بين مسؤولية حل المشاكل وضبط السلوك وبين نشر القيم الحقيقية في الجيل الصاعد.
سيناريوهات عديدة تُنشر لا تستطيع أن تفهم صفة المتكلم من خلالها. كم نحن بحاجة إلى الحدود والاستخدام اللائق لمواقع التواصل الاجتماعي التي أصبحت منبرا لتلقين كل طرق الاستهتار والكلمات النابية والصور والفيديوهات الفاضحة التي يتم نشرها وتناقلها بحرية غير مسؤولة.
في الماضي كانت فكرة الحديث مع شخص غريب تبدو شيئا مستحيلا، كنا نتحدث مع الغرباء إذا كان هناك سبب عملي يدعو إلى ذلك. أما في عصر تكنولوجيا الانترنت فيكاد يفرض ذلك كاختبار اجباري لسلوكيات لا نريدها أن تدخل حياتنا. كم نحن بحاجة ماسة إلى وضع حدود واضحة لا وهمية بين العالم وبين القيم التي نؤمن بها.
العالم يستخدم شبكات التواصل الاجتماعي لتوصيل الأفكار وصناعة المال والاعمال ونحن نستخدم نفس تلك الشبكات لصناعة مزيد من الاشكاليات والتعقيدات والمناكفات وتصفية الحسابات بأسلوب مثير للدهشة حيناً وفي أحيان عديدة مثير للسخرية.
يلزمنا تعميم بصوت عال وخط واضح مفاده كل ما يصدر في مواقع التواصل الاجتماعي يحمل شبهة الكذب والرياء والتزيف. وأن هناك حدودا يجب عدم تخطيها وإلا يتم إدراج ذلك تحت بند الجرائم الإلكترونية التابعة لمديرية البحث الجنائي في مديرية الأمن العام.
رغم اعتراض البعض على وجود قانون مكافحة الجرائم الإلكترونية لكن تبقى الضوابط القانونية أحياناً هي المخرج الضروري لكل السلوكيات غير المسؤولة والظواهر الغريبة والتي ستكون نتائجها وخيمة على المجتمع أن لم يتم وأدها قبل انتشارها.
[email protected]